هكذا قام الانسان بتدجين الحيوانات على مر العصور

0

                                       






تدجين الحيوانات هي عملية يقوم بها الإنسان لجعل حيوانات معينة منسجمة ومُتأقلِمة معه ومع بيئته من خلال جعلها تعيش نمط حياة معين، وهو الانسجام والتآلف والمخالطة حيث تتم هذه العملية من خلال ترويض الحيوان وتعويده على نمط حياة معيّن، ثم التدريب والإخضاع، هو اكتساب أو فقدان نوع حيواني لصفات وراثية نتيجة تفاعله مع الإنسان, كما يُعرف تدجين الحيوان باسم الحيوانات المستأنسة بحيث تكون الحيوانات في محيط الإنسان وقريبة منه، حيث يرعاها ويكون كفيلا بها، وفي تدجين الحيوانات علاقة متبادلة بين الحيوانات والبشر الذين لديهم تأثير مباشر على تكاثرهم ورعايتهم.

هناك قسمين من الحيوانات الداجنة، إمّا حيوانات داجنة مُنتجة أو حيوانات داجنة أليفة:
الحيوانات الدّاجنة المُنتجة هي تلك التي يستفيد الإنسان من إنتاجها مثل الحيوانات التي تُنتج الحليب والبيض واللّحوم والصّوف كذلك.
أمّا الحيوانات الدّاجنة الأليفة وهي تِلك التي يستفيد الإنسان من قوتها في أغراض تحتاج قوّة لايمتلكها كالصيد والحراسة أو الحرث وكذلك جرّ العربات أو للبحث العلمي أو لمجرد الاستمتاع أو الصحبة. 

تدجين الحيوانات له أهمّيّة كبيرة للإنسان حيثُ تُستغلّ الحيوانات بشكل فعّال و مثالي لأبعد حدّ، تتجلّى أهمّية تدجين الحيوانات في الحصول على الغِذاء و الكِساء منها، حيث يستفيد الإنسان من لحومها وحليبها وصوفها و حتّى مخلّفاتها.يستغل الإنسان الحيوانات كذلك في مختلف الأعمال و الأنشطة التي يقوم بها في حياته اليوميّة. تدخُل الحيوانات أيضاً في إجراء الأبحاث العلمية، حيث تُستخدم بعض أنواع الحيوانات في هذه الأبحاث والتّجارب أيضاً. الحيوانات كذلك تجلب السرور والسّعادة، حيث يستمتع الإنسان بصُحبتها وتربيتها واللعب معها .

هناك العديد من الحيوانات التي دجّنها الإنسان نذكر البعض منها:

الأبقار
كانت الأبقار الحيوانات الأولى المشاركة في حرث الأرض خلال الفترة التي تُعرفُ بالثّورة الزراعية، وكانت للأبقار مساهمة كبيرة في إعادة صياغة تاريخ البشر إلى الأبد.
تُبيّن الدراسات التاريخية والعلمية أنّ الأبقار دُجّنت منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد في الجنوب الشرقي من  آسيا، وفي الجنوب الشرقي من أوروبا، وكانت تُستخدم في الحصول على الكساء والغذاء، وفي العديد من الأعمال المختلفة التي يحتاجها الإنسان، ومع تقدم السّنين بدأ استخدام الأبقار في إنتاج الحليب، ثم بعد ذلك في إنتاج الألبان ومشتقّاتها، كما كانت بعض الثّقافات والشعوب تدجّن الأبقار لعبادتها.

الجِمال
تدجين الجِمال أو الإبِل كان مُتأخراً كثيراً عن تدجين الحيوانات الأخرى، وكانت تُستخدم لحمل الأثقال والتنقل بشكل أساسي، واستفاد الإنسان كذلك من لحمها للغذاء، وجلودها للملابس والأدوات الجلديّة، وحليبها، والوبر أيضاً، وإستفاد الإنسان أيضاً من روثها كسماد للتربة في الفلاحة.

الحمير
تم رعي الحمير المحلية الحديثة في شمال شرق أفريقيا خلال فترة ما قبل الأسرات في مصر ، منذ حوالي ستّة آلاف سنة. يَعتقد العلماء أن سلالتين من الحمار الوحشي كان لها دور كبير في تطوير الحمار الحديث، ودُجنت في وادي النيل قبل ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، ويعتقد العلماء بأنها أول الحيوانات التي استُخدمت في العمل من طرف الإنسان.


الخراف والماعز
تم تدجين العديد من الأنواع البرية للخراف والماعز مُنذ عشرة آلاف سنة، خاصةً في مناطق جنوب شرق الأناضول وجبال زاجروس، وكان لترويض هذه الحيوانات دورٌ بارزٌ في تحوُّل الإنسان من الحياة البدائية التي تعتمد على الصيد إلى حياة الزراعة، حيثُ تمّ استعمال لحمها في الغذاء، ثم بعد ذلك تطورت استخداماتها مع مرور السنين ليستخدم الإنسان صوفها وحليبها.

الخيول
استُخدمت الخيول كمصدر للحوم والجلود، واستُخدمت في الحروب كذلك في الألفية الثانية قبل الميلاد ، وفي سنة 1675 قبل الميلاد أدخلها الهكسوس إلى مصر، بعدها استُخدمت في جر العربات وفي الحرث الأراضي الزراعية، اكتشف العلماء مزايا تطورية غريبة على الخيول. حيث وجد العلماء أن لون جلد الخيول في العصور الأولى كان متماثلًا ومُتشابهاً، لكنه بدأ بالتغير فجأة حوالي عام ألفين قبل الميلاد، و اقترح العلماء على سبب ظهور خيول من سلالات أخرى في مناطق لم تتواجد بها من قبل هو أنه تم استيرادها من مكان آخر أي أنها لم تكُن في ذلك المكان بل تمّ تدجينها بعد وصولها.

الخنازير
دُجنت الخنازير قبل ست آلاف وخمس مئة سنة قبل الميلاد في العديد من المناطق حول العالم، وتنتمي الخنازير المدجنة إلى أصلين بريين وهما الآسيوي والأوروبي، تاريخ استئناس الخنزير هو لغزٌ أثري ، ويرجع ذلك إلى طبيعة الخنازير البرية التي تنحدر منها الخنازير الحاليّة. توجد أنواع كثيرة من الخنازير البرية في العالم اليوم، ولكن من بين جميع أنواع الخنازير الموجودة، تم تدجين فقط الخنزير البري.

الطيور
دُجنت الطيور للاستفادة من بيضها ولحمها وتُشكل الدواجن أغلب الطيور المُستأنسة، والتي يتمُّ تربيتها من أجل الغذاء، رغم ذلك فهناك العديد من أنواع الطيور كالببغاء والطيور المُغرِّدة يُحتفظ بها من أجل تحقيق المُتعة فقط أو من أجل إستخدامها في الأبحاث و التجارب كذلك، تشير الدراسات أيضاً التي قام بها العلماء إلى أنَّ الحمام الأليف تمَّ تدجينه منذ نحو عشرة آلاف سنة، والدجاج منذ ما لا يقلُّ عن سبعة آلاف سنة، والدجاج الرومي منذ خمسة آلاف سنة تقريباً من الهنود الحمر في المكسيك، البط كذلك يُعتبر من أقدم أنواع الطيور تدجيناً، الإوز كذلك حيث وُجِدت أقدم المعلومات عن الإوز المدجن في مصر القديمة. 


الأرانب
تم تدجين الأرانب لأول مرة في العصور الوسطى، وتعتبر مصدراً للغداء في بعض المناطق الأوروبية بشكل أساسي، و يُستخدم فرائها في صناعة بعض الأنواع من الملابس كالقبعات و الطّاقيات، وتُربّى كحيوانات أليفة كذلك، و يُعرف أنّ الرّاهبات الفرنسيات دجنو الأرانب في القرن السادس والقرن العاشر الميلادي، وترجع سلالة الأرانب المدجنة من أصول أرانب برية.


الكلاب
أظهرت دراسة جديدة أُجريت في مكان أثري في التشيك أن العظام الأحفورية التي إكتُشِفت مؤخراً هناك تعود إلى كلاب كانت قد عاشت قبل أكثر من 28000 عام، ويمكن لهذا البحث أن يُبين واحدة من أولى مراحل تربية الحيوانات، و تشير المصادر العلمية أنّ الكلاب كانت من بين أوائل الحيوانات التي دُجنت من طرف الإنسان، بسبب ملازمتها للأماكن القريبة منه، وعيشها على بقايا طعامه، وملاحقتها للصيادين لالتقاط الصيد.

الحشرات
تمّ تدجين الحشرات كذلك من طرف الإنسان، ففي البداية كان الإنسان يُدجن الحشرات التي يستفيد من إنتاجها فقط، كتدجين النّحل للحصول على العسل واستخدامه في إنتاج هذه المادّة للغذاء والعلاج، وكذلك تدجين دودة القزّ للحصول على خيوط الحرير وإستخدامها في إنتاج مادّة الحرير، لكن في وقتنا الرّاهن أصبح الإنسان يُربي الكثير من أنواع الحشرات من أجل تحقيق المُتعة فقط أو من أجل استخدامها في الأبحاث و التجارب. 


عزَّز التّدجين إلى حدٍّ كبير من الإنتاج التناسلي للماشية والحيوانات الأليفة بشكلٍ يفوق إنتاج أسلافها من الحيوانات البريَّة، وزوَّدت عمليّة التدجين البشر بالموارد التي يمكنهم التحكم في الحيوانات وإعادة توزيعها بشكلٍ أكثر أماناً وسهولة، هذه الميِّزات أدت للانفجار السكاني الذي حدث عند تحوُّل البشر من حياة الصيد إلى حياة الزراعة و الرعي وانتشارهم في جميع أنحاء كوكبنا.



لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.